تفسير رائع لسورة التين

.:: مراقب الدردشة ::.

سورة التين

تفسير رائع لسورة التين 00666666666

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد أيها المباركون :
هذا برنامج ذي حلقات متتابعة يحمل عنواناً دائماً هو(( ذواتا أفنان)) وغير خاف عليك أيها المتابع الكريم أن قولنا ذواتا أفنان إنما هو مقتبس من الآية الكريمة في سورة الرحمن { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ{46} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{47} ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } والعنوان يدل على أن هذا البرنامج يحمل حلقات متنوعة ذات ُ طابع موسوعي لكنها تحمل التنوع في كل عنوان لها .
عنوان حلقة هذا اليوم " سورة التين " أي أننا سنقف مع سورة هي من قصار المفصل من سور القرآن الكريم ونستفتح بالذي هو خير لأن استفتاحنا في التأمل في سورة مباركة مما يتفاءل به المرء ذلك أنه ما إن كتاب أنزل من السماء على نبي من الأنبياء أعظم من القرآن قال الله جل وعلا { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ{1} وَطُورِ سِينِينَ{2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ{3} لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} إلى أخر السورة ، لا خلاف بين العلماء فيما يظهر على أن سورة التين سورة مكية ، أما أولها استفتحه الله جل وعلا بالقسم وهو أحد طرائق عدة في استفتاح سور القرآن فالواو بالاتفاق هي واو القسم وهي عند النحويين أنها تجر ما بعدها ، لكن بما أقسم الله؟ فيما نتلوه الله يقول { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ{1} وَطُورِ سِينِينَ{2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ }..إلى آخر السورة لا خلاف بين العلماء فيما يظهر على أن سورة التين سورة مكية أما أولها استفتحها الله جل وعلا بالقسم وهو أحد طرائق عدة في استفتاح سور القرآن فالواو بالاتفاق هي واو القسم وعملها عند النحويين أنها تجر ما بعدها لكن بما أقسم الله ؟ فيما نتلوه الله يقول: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ{1} وَطُورِ سِينِينَ{2} وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ{3} }.
أهل العلم رحمهم الله لم يختلفوا فيما هو الطور ولم يختلفوا فيما هو البلد الأمين لكن اختلفوا في قوله جل شأنه {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ }.
فبعض العلماء: لم ينظر إلى ظاهر الآية لم ينظر إلى اللغة التي خوطب بها السامع للقرآن فزعموا أن التين والزيتون ليس القسم بهم ذاتاً ولكن القسم بمنابتهما أي بما أشتهر بمنابتهما وهو أرض الشام فذهبوا على أن القسم بالتين والزيتون قسم بأرض الشام ودفعهم إلى ذلك قرينة ظاهرة وهي أن الله جل وعلا أقسم بعد ذلك بطور سنين وهو الجبل الذي كلم الله عنده موسى كما سيأتي والبلد الأمين وهو مكة بالاتفاق إذاً هذا منحى للعلماء في تفسير قول الله جل وعلا { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ }.
لكن أكثر أهل العلم من أهل التفسير: يذهبون إلى طرح هذا الرأي ويذهبون إلى أن { التِّينِ }هو قسم بتلك الفاكهة المعروفة وكذلك بالزيتون تلك الشجرة المعروفة حتى قال بعضهم أنه يعجب ويندهش ممن يذهب إلى أن المراد بالتين والزيتون منابتها مسجد دمشق أو مسجد القدس أو ما شابه ذلك حتى قال الشوكاني رحمه الله في كتابه الشهير ( فتح القدير ) " فلتعجب أن يجنح إلى هذا الإمام الطبري مع ماله رحمه الله تعالى من علم بالرواية والدراية" وهذا القول من الشوكاني بصرف النظر عن الرأي الذي تبناه يعطي الإنسان نوعاً من الأدب كيف يتعامل مع من سبقه فإن الشوكاني رحمه الله كما تعلمون متأخر جداً عن الطبري لكن كما قال الشاطبي "وهو واجب عند اختلاف الفهم إحساننا الظن بأهل العلم" فالنصح لله لم يمنع الشوكاني أن يقول : أن قول الطبري بأن المقصود المنابت غير صحيح والاحترام والتقدير والإجلال لمن سبق وذكرهم بالجميل هذا الذي جعل الشوكاني يشهد للطبري رحمه الله لأنه ذو باعٍ طويل في علم الرواية والدراية على هذا نختار والعلم عند الله أن المقصود بالتين والزيتون هما هاتان الشجرتان المعروفتان فنأخذ الآن بعضاً من الاستطراد العلمي المعرفي حول التين والزيتون .
التين : شجرة من أشبه ثمار الدنيا بثمار الجنة من حيث الشكل لأن ثمرة التين لا هي بالتي تقشر ولا هي بالتي فيهن عجم أو نوى أو فصم بحسب حال الثمار فعندك الموز مثلاً كله لب لا شيء منه يترك لكنه يقشر والتمر مثلاً لا يقشر لكن بداخله نوى والتين ثمرة تؤكل كلها لا عجم أو نوى بداخلها ولا قشر لها حتى ينزع فتؤكل بالجملة ولا ريب أنها كونها مهيئة لهذا الحال دلالة على عظمة الخالق وجلالة صنعه تبارك وتعالى لكن من غرائب ما قيل حول السبب الذي من أجله جعل الله جل وعلا التينة لا قشر لها ولا نوى بداخلها قالوا إن آدم عليه السلام لما أدخل الجنة ونهي عن أكل تلك الشجرة غير المسماة في القرآن { وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ } كان ما كان منه عليه السلام أن أكل من الشجرة بالاتفاق مما دل عليه القرآن وهو ظاهر هذا لم يخالف فيه أحد أن آدم لما أكل من الشجرة هو وزوجه بدت لهما سوأتهما قال ربنا { وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ } أي يغطيان العورة بورق الجنة هنا الثقافة المسيحية المعاصرة تقول إنه ورق التوت لكن بعض العلماء من المفسرين يقولون إن آدم لما بدت له سوءته ظهرت له عورته أتى شجر الجنة فكلما أتى شجرة ردته و زجرته لما كان منه من معصية حتى أتى شجر التين فقبله وغطى عورته وأخفى سوءته أي سوءة وعورة آدم قالوا من أجل هذا أكرم الله هذه الشجرة شجرة التين فجعلها لا قشر لها ولا عجم ولا نوى بداخلها هذا ما ذكره بعض أهل علم التفسير نحن لا نجزم به لكنه هو مما يستملح ويستطرف ويستلطف في مثل هذا المجال فالتين شجرة هذا بعض أخبارها عند أهل الصناعة التفسيرية وأهل الطب يذكرون لها فوائد لا يكاد يحصرها الإنسان .
أما الزيتون :فهو يعصر منه ذلك الخلاصة المباركة التي قال الله فيها { يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ } والثناء على الزيتون أمر مستفيض في الشرع وزيته كذلك قال الله تبارك وتعالى { وَفِيهِ يَعْصِرُونَ } المقصود من هذا كله بيان أن القسم في قول ربنا جل شأنه { وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ } منصرفٌ أصلا إلى هاتين الشجرتين والثمرتين المباركتين على ما دل عليه ظاهر القرآن وتقبله اللغة ولا يصح الخروج عن ظاهر القرآن إلا بدليل لكني أقول إن الأولين ـ القائلين بالقول الأول ـ إنما دفعهم إلى ذلك القرينة قرينة الأمكنة في طور سنين وفي البلد الأمين هذا القسم بصدر السورة .
ثم قال الله { وَطُورِ سِينِينَ } سنين : يقولون باللغة الحبشية أي الشيء الحسن المبارك ، والطور : لا خلاف عند العلماء أنه الجبل الذي كلم الله جل وعلا عنده كليمه موسى ابن عمران وهذا التكليم لموسى رفعة له وقد كلم الله جل وعلا موسى ابن عمران مرتين .
المرة الأولى: يوم البعث يوم أن بعثه واصطفاه واجتباه { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى } { وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى } والآيات التي في هذا الشأن.
والتكليم الآخر: لا كان على موعد زماني ومكاني { وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } هذا زماناً { وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ } هذا مكاناً فطمع عليه الصلاة والسلام طمع مقام الرؤيا وهذا مفصل في حينه .
والمكان الثالث الذي أقسم الله جل وعلا به قال ربنا { وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } ولا ريب أن اسم الإشارة هنا يوحي يشعر من يسمع الآية أن السورة مكية { وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } هنا فعيل بمعنى فاعل والمعنى { وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ } أي وهذا البلد الآمن وهو أمن بدعوة خليل الله إبراهيم له { رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ} فأقسم الله جل وعلا بالتين والزيتون هاتان الشجرتان المباركتان وأقسم ربنا جل وعلا بطور سنين وأقسم ربنا تبارك اسمه وجل ثناؤه بالبلد الأمين مكة وليس هذا مقام التفصيل فيما هو البلد الأمين لأنه معروف مشتهر ولعله يأتي الحديث عنه تفصيلا ،أين جواب القسم ؟ لا خلاف بين العلماء أنه قول الله { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } الخالق هو الله قطعاً ولا أحد أصلاً يخلق غير الله والعلماء المفسرون يقولون إن كل ذي روح يقصدون مما نراه كل ذي روح خلقه الله جل وعلا مكباً على وجهه إلا الإنسان خلقه الله جل وعلا معتدل القامة {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } ونحن نشهد أن ربنا خلق الإنسان في أحسن تقويم من هذه الآية استنبط بعض العلماء الشافعية استنباطاً جيداً قالوا: لو أن رجلاً من الناس متزوجاً قال لامرأته أنت طالق إن لم تكوني في الجمال مثل القمر قالوا لا تطلق ! لما لا تطلق ؟ قالوا لأن الله قال { لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } وليس تشبيه الناس بأعظم ولا أصدق من قول الله وهذا استنباط جيد في مكانه ثم قال ربنا{ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ{4} ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } هنا يأتي إشكال أين الإشكال؟ أن الآية ما بعدها تقول بعد ذلك بآية قال ربنا { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } أي أن الآية تتحدث عن حجج عن براهين ظاهرة يتفق عليها الناس كلهم هذا الاستصحاب لابد منه عندما نفهم قول الله جل وعلا { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } الآن سأذكر لك بعضاً من تلك الطرائق في تفسير هذا المعنى : ذهب بعض العلماء واختاره ابن كثير إلى أن المعنى { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } أي النار فالأصل أن كل أحد مردود إلى النار هذا يحتاج إلى دليل لأن الرد إلى شيء رد إلى موضع أصلي ثم إن الكافر المخاطب بالآية لتقوم الحجة عليه هو أصلاً لا يعترف ولا يقر ببعث ولا نشور فكيف يقال له إن من البراهين الظاهرة والأدلة الواضحة أنك سترد إلى النار حتى يقول الله بعدها { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ } هذا منحاً صعب أن يقبله المرء لأنه لا يتفق مع سياق السورة كلها وإن كان قال به بعض الأجلاء ،بعض العلماء يأخذ منحاً آخر فيقول { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ } هذا يفسره القرآن لأن الله جل وعلا قال { اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً } فقالوا { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } أي يعودوا إلى ما كان عليه وهذا المنحى يشكل عليه أن الله قال { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فقالوا إن النظر الرؤيا تشهد أنا نرى ذلك في الرجال والنساء ونراه في الأبرار والفجار والمؤمنين والكفار فكل أحد يكبر ، لكن أحتج على هذا أو صودم هذا القول بالقول أنه يوجد كثير من الصالحين يعمر ويكبر في السن ويطعن دون أن يفقد قواه ، نقول نعم قد لا يفقد عقله لكن لا نكون مكابرين ونقول أنه لا يفقد قواه هذا محال ، هذا شيء مشاهد لا يمكن إنكاره أما كونه لا يفقد عقله فهذا ظاهر يوجد كثير من الصالحين وإن كان ليس دليلاً على أن من فقد عقله أو دخله الخرف أنه ليس بمؤمن وفي المدينة المنورة ـ عندنا في المدينة ـ كان هناك الشيخ حسن الشاعر رحمه الله أحد القراء الكبار هذا عُمر أكثر من مئة وتسعة أعوام وأدركته رحمه الله في المدينة توفي عام ألف وأربع مئة للهجرة وكنت حينها طالباً في المرحلة الثانوية المقصود من هذا ، الشيخ عطية رحمة الله عليه لما فسر سورة التين قال أنا أكتب هذا التفسير والشيخ حسن الشاعر حي يرزق وقد جاوز المئة وها هو يدرس القراءات في المسجد النبوي وحوله أكثر من ثلاث أربع خمس طلاب ويعلمهم القراءات ويقرؤون يحفظون بين يديه ويسمعونه وهو يستمع إليهم ويرد عليهم في آنٍ واحد وقد جاوز المئة عام ، نقول هذا فضل من الله كبير على هذا العبد الصالح لكنه بمنأى عن الاستدلال به لأن كثيراً من الصالحين قد بلغوا مبلغه في السن وأصابهم ما أصابهم من الضعف والعجز ، فيصبح القول ثم رددناه أسفل سافلين إلى أنه في الكبر والضعف والعجز كذلك بعيد ونحن لا نستطيع أن نختار منحاً أو طرائق مما ذكره المفسرون لأن الآية تحمل إشكالاً صعباً لكنني أحببت أن أورد عليك أو إليك بعضه .
قال ربنا { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ{5} إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } والأفضل أن يجعل الاستثناء هنا استثناءاً منقطعاً فيصبح لكن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهذا فيه برهانٌ واضح على أن الإيمان والعمل الصالح من أعظم ما ينجي في الدنيا والآخرة ، فلا يمكن أن ينال الإنسان سعادة إلا بالإيمان بالله ربا وبمحمدٍ نبياً وبالإسلام ديناً ثم يردف ذلك بعمل صالح كما حكى الله هنا وبآيات أخر { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } ، قال ربنا { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } غير ممنون أي غير مقطوع لكن هل المقصود بالخطاب هنا وتحديد الأجر في هذه السياق هو عائد على أجر الدنيا أو على أجر الآخرة ؟؟ الأقرب أنه على أجر الآخرة فـ{غَيْرُ مَمْنُونٍ }أي غير مقطوع و هذا نظيره أن الله جل وعلا أخبر به عن رسوله تفسير رائع لسورة التين 0099999

كما في سورة القلم { وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } أي غير مقطوع صلوات الله وسلامه عليه ومن يحمله على الدنيا يقول إن المؤمن إذا كان يعمل الصالحات فله أجر لا خلاف في هذا فإن أقعده عن العمل سفر أو مرض فإن النبي تفسير رائع لسورة التين 0099999

يقول :" إذا سافر المرء ـ أو العبد ـ أو مرض كتب له أجر مثل ما كان يعمله مقيماً صحيحاً " أي يكتب له في حال الصحة ما فقده حال المرض ويكتب له حال الإقامة ما فقده حال السفر والمقصود من هذا أن الرب تبارك وتعالى قد أمتن على عباده الصالحين بإعطائهم الأجر ولا ريب أن المؤمن يعلم أن الدنيا ليست بدار جزاء فلذلك حتى لو قلنا إن هذا الجزاء غير مقصود به حياة الدنيا لكان أولى وأرجح { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } .
ثم قال ربنا { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ{7} أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } هذه القرينة التي قلناها إن هذه أدلة ظاهرة وبراهين واضحة فصعب أن تحمل على البعث والجزاء لأن المخالف المخاطب بالآيات لا يقر بالبعث والجزاء فالأفضل حملها على كل ما يتعلق بالدنيا اللهم { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } قلت إن هذا استثناء منقطع فإلا هنا بمعنى لكنَّ { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ{7} أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } نعلم جيداً أن ليس تفيد النفي لكن قبلها جاءت همزة استفهام أليس وهمزة الاستفهام هنا تحمل معنى النفي وقد تقرر لغة أن نفي النفي إثبات فيصبح معنى { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } معناها الله أحكم الحاكمين لكن صوغها سياقها هذا مَرتبة عُليا في البلاغة يسميه أهل هذا الشأن استفهام تقريري من هذا وأمثال كقوله جل شأنه { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } و أضرابه في القرآن كقوله جل شأنه { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } وأضرابها كما قلت استنبط من له بضاعة شعرية هذا الاستفهام التقريري فصدره أو وضعه في شعره وأشهر من نحى هذا المنحى جرير كما في خطابه لعبد الملك بن مروان :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راحِ
حميت حمى تهامة بعد نجد وما شيء حميت بمستباحِ
فهذا البيت مر معنا في دروس كثير ولقاءات عدة وهذا أمرٌ لا يحتاج إلى كثير تنقيب فأي كتاب أدب تفتح تجد فيه أنهم يقولون إن أمدح بيت قالته العرب قول جرير :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راحِ
فهذا البيت مبني على الاستفهام التقريري وقد حررنا وبينا أن هذا الاستفهام التقرير صدع به القرآن كثيراً في مدح الذات العلية ، قال الله جل وعلا { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } { أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ } { أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ } إلى غيرها من الآيات التي تحمل هذا الشأن أو هذا الضرب ، { أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ } جاء في بعض الآثار منها ما هو موقوف منها ما هو مرفوع منها ما هو ضعيف السند منها ما سنده يقبل التحسين بجملتها ـ إن شاء الله ولا حرج فيها ـ أن الإنسان يقول:" بلى وأنا على ذلك من الشاهدين" ، إذا تلي عليه مثل هذا أن يقول :" بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين" .
إذاً أيها المبارك هذه إطلالة يسيرة حول سورة التين السورة المكية المصدرة بالقسم والمختومة بالاستفهام التقريري وهي تُعنى بالجانب العقدي وإثبات البعث والنشور ورسالة نبينا تفسير رائع لسورة التين 0099999

وهو الموضوع الرئيس لأكثر السور المكية لأن المخاطب الأول بها كفار قريش وقد كانوا لا يقرون لله بالتوحيد ولا لمحمدٍ بالرسالة ولا يقرون بالبعث والنشور فجاءت الآيات تخاطب هذا الواقع الذي كانوا يعيشونه هذا ما تيسر إيراده وتهيأ إعداده وأعان الله على قوله حول سورة التين وصلى الله على محمد وآله والحمد لله رب العالمين

تفسير رائع لسورة التين 01111111

.:: عضو مميز ::.

تسلم الايآآآآآدي
آنتقآء آجمـــل من الرآآآآآئع
لآعدمنآ روعه وجميل عطاااك
لروحك آطيب آلتحآآآآ

.:: مراقب عام ::.

مشكوور

واصل ابداعك

» للهواتف الذكية والآيباد تفسير الجلالين كتاب الكتروني رائع
» درس عمل ثاتير رائع بالفوتوشوب
» تجربة الفرح.... ( رائع )
» تطبيق رائع ( الرقية الشرعية )
» لانشر رائع ومميز للاندرويد Next Launcher 3D v1.55.1 APK